بحث هذه المدونة الإلكترونية

المتابعون

الأحد، 26 أبريل 2009

أمهات غزة .. مدرسة تربوية خاصة


أمهات غزة .. مدرسة تربوية خاصة

هبة عسكر 4/1/1430

" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " .
بهذه الكلمات بدأت معنا "أم محمد" التي جاءت مرافقة مع ابنها للعلاج بمستشفي العريش العام فهي أم استشهد ابنها الأكبر وأصيب الأخر ، قائلة :"نحن وأبنائنا خلقنا الله لرسالة نقوم بها ولابد أن نؤديها علي أكمل وجه" .
فاسمعها تقول لابنها الذي يتألم كثيرا :"اصبر يا ولدي .. كل ذلك في ميزان حسناتك .. سيشفيك الله قريبا وتعود تقف بجوار إخوانك المجاهدين إلي أن تلحق بأخيك "، ليرد عليها ابنها :"نعم يا أمي .. سأعود وانتقم لكل شهيد أو جريح ".
فالأم في غزة امرأة من نوع خاص جداً ، فهي تربت علي الصمود والتضحية والاحتساب عند الله فهي لم تعتد الرفاهية ولم تعرف إلا القلق والاستعداد الدائم للمعركة .
وتثبت مذبحة غزة الدائرة الآن إنها مدرسة تربوية خاصة جدا .. مدرسة تخرج أبطال بمعني الكلمة .. فهي أم تصبر علي ابتلاء الله .. فقد وضع الله في قلبها إيمانا عميقا بنصره , أم تسير علي نهج الصحابيات الجليلات , فهؤلاء الأمهات يذكرننا بموقف الصحابية الجليلة أم سليم الأنصارية في التسليم بقضاء الله وقدره
عندما أظهرت فيه قوة وثباتا على تحمل المكاره والاستسلام لقضاء الله وقدره مع الرضا، ، فعند البخاري قال أنس رضي الله عنه: "اشتكى ابن لأبي طلحة فمات، وأبو طلحة خارج، فلما رأت امرأته أنه مات هيأت شيئا ونحته في جانب البيت،فلما جاء أبو طلحة قال: كيف الغلام؟ قالت: هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة قال: فبات فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما " قال سفيان: قال رجل من الأنصار فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قرأوا القران .
فتقدم الأم الغزاوية تطبيقا حيا لمثل هذا الموقف , فهذه الأم التي تري ابنها وقد دمرته صواريخ العدو الغاشمة وتكتم حزنها وصراخها وتهتف لا اله إلا الله ، وتشد علي آزر ابنها الأخر ليكون مصيره الشهادة هو الأخر .
فالأم الفلسطينية في غزة الآن نموذج رائع في التحمل، والصبر، والقدرة على التربية الصحيحة لإخراج أبطال يحتاجهم الوطن ، فهن يغرسن الكرامة والإصرار في نفوس الأطفال، فهن يتحدثن عن أرض اسمها فلسطين تم اغتصابها، وطرد أهلها، ليصير اسمها " إسرائيل " .. تتحدث اليهم عن واجب عظيم هو الجهاد في سبيل الله .

اكتشف في هذه الأم معاني كثيرة غائبة عن كثير من الامهات التي تربي ابنها علي الترف وعلي البعد كل البعد عن المخاطر ، فهي تقدم في المقابل نموذجا لام مختلف نموذج فريد من نوعه تجمع كل مشاعر الأمومة والحنان وحب وفي نفس الوقت تحمل معني الصمود تدرك قيمة الشهادة وتحرير الوطن .

نعود مرة أخري إلي أم محمد فقد سألتها عن كل هذه القوة وهي أم لشهيد وجريح في نفس اليوم فردت قائلة أن الله تعالي يقول : " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" ، مضيفة :"ليست أرواح أبنائي عزيزة علي الله .. لابد أن تحرر أرضنا بدماء أبنائنا ".
عادت مرة أخري تقول :"أننا لسنا أمهات قاسيات مثلما يتهمنا الكثير .. ولكننا أمهات تحمل كل مشاعر الأمومة وأكثر من أي أم أخري فقد تربينا علي مشاهد الدماء وعلي صراخ الأطفال .. لكن لنا رسالة اكبر وهي إعداد أبطال لتحرير هذا الوطن .. لكم تنفطر قلوبنا عندما نسمع أنباء استشهاد أبنائنا .. ونكتم صراخنا داخلنا .. وأحيانا تأبي دموعنا أن تخرج حتى تزيدنا قوة وصمود ".
وأنهت كلامها قائلة :"لقد قدمت الآن شهيدان من أبنائي وزوجي .. وبأذن الله مازال لدي ثلاثة أبناء آخرين ولدي أمل بأنهم سيكونون من الشهداء .. لن نصمت حتى نسترد أرضنا المحتلة .
وهذه أم كانت أم حسام التي كانت تنتظر قدوم ابنها لتحضير طعام الغذاء له، الذي يعمل في قوات الشرطة بغزة، إلا انه لم يأتي ولن يأتي فكان من ضحايا العدوان الصهيوني ، انزل الله عليها الصبر والقوة والأيمان ونجدها تقول :"سنظل صامدون مهما طال الوقت .. لن نستسلم .. سنضحي لأخر قطرة من دمائنا".
فأي سيكولوجية تحرك قلوب هذه الأمهات التي يتفطر قلوبهم علي ضياع أبنائهم ، أنها سيكولوجية إيمانية وهباهن الله إياها .
هؤلاء الأمهات يقدم نموذجا فريدا لما تكون عليها الأم المسلمة خاصة أوقات البلاء فأجدها تقول لكل آم
إذا الحادثات بلغن النهى وكادت تذوب لهن المهج
وحل البلاء وقل العزاء فعند التناهي يكون الفرج
مدرسة نخرج منها بقواعد تربوية أساسية في التربية الإسلامية الصحيحة من أهم قواعدها
- الصبر عند البلاء والشدائد
- الصمود في وجه العدو الغاشم
- تربية الأبناء علي القوة والبطولة وعدم الاستسلام
- الجهاد رسالة سامية
- الأيمان العميق بان الله تعالي معنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق