الحقيقة الدولية – عمان – محرر الشؤون العربية
عام مضى على خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة، والعالمين العربي والإسلامي يزالان يجلسان على قارعة الطريق الدولية ينتظرون المخلص الأمريكي، ولكنهم عادوا كالعادة بعد حول كامل بخفي حنين وفوقهما قبلة محبة على جبين كيان العدو الصهيوني.
آمال العرب بعد عام على خطاب أوباما في القاهرة تحولت إلى حالة من اليأس وفقدان الأمل في قدرة الرئيس الأمريكي على الوفاء بوعوده التي أخذها على نفسه في جامعة القاهرة، والتي ترجمها تراجع نسبة تأييده في استطلاعات الرأي الإسلامية والأمريكية العام الحالي والتي وصلت إلى مستويات متدنية مقارنة بنظيرتها في بداية حكمه.
ويرى المراقبون والمحللون السياسيون العرب أن حالة الإحباط العربي تجاه الرئيس الأمريكي تنبع من العديد من الأسباب، منها اهتمام أوباما بقضايا الداخل التي تطحن المواطن الأمريكي لاسيما قانون الرعاية الصحية وإصلاح النظام المالي وقضايا الهجرة، إضافة إلى انشغاله بالحفاظ على غالبيته في الكونغرس مع قرب موعد انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني المقبل.
ومن الأسباب الأخرى إخفاق أوباما في إحداث انفراج في إحدى القضايا المحورية في تدهور العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي، فالإدارة الأمريكية بقيت منحازة لكيان العدو الصهيوني، ولم تقنع مواقفها الإعلامية في الضغط على الصهاينة لإيقاف عمليات الإستيطان الصهيونية في الأراضي الفلسطينية والقدس المحتلة، العالمين العربي والإسلامي في حيادية وصدقية المواقف والوعود الأمريكية التي التزم بها أوباما في القاهرة.
وتزايد الإحباط العربي والإسلامي بعد المواقف الأمريكية المؤيدة لكيان العدو الصهيوني الذي أرتكب مجزرة صهيونية في عرض المياه الدولية ضد متضامنين جاؤوا لكسر الحصار الصهيوني على قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
رد فعل أمريكي
يقول المحلل السياسي في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في مركز الأهرام عماد جاد، إن الخطاب الذي ألقاه أوباما في 4 حزيران 2009، اعتبره البعض صادقا والبعض الآخر غير صادق، مضيفا أن رد الفعل الأمريكي المجامل لكيان العدو الصهيوني رغم الاستنكار الدولي الذي أثاره هجومها الدامي على أسطول الحرية لكسر الحصار على قطاع غزة يرجح كفة الذين يرون أنه (أوباما) لم يفعل سوى إلقاء الكلام المنمق".
وجهدت الولايات المتحدة في الأمم المتحدة لتفادي أن يحمل بيان رئاسي صادر عن مجلس الأمن الدولي كيان العدو الصهيوني بشكل واضح مسؤولية الهجوم على أسطول الحرية.
وتظهر ردود الفعل الأمريكية المنحازة لكيان العدو الصهيوني بوضوح العلاقات المميزة القائمة بين البلدين، وهو من المآخذ الأساسية للعالم العربي على الولايات المتحدة.
ورأى إنطوان بصبوص، من مرصد البلدان العربية في باريس، أن أنحياز الولايات المتحدة الأمريكية لكيان العدو الصهيوني في مجزرة أسطول الحرية، تنذر بإعادة إحياء الشعور الشائع بأن "أمريكا هي العراب الدولي لكيان العدو.
وأشار إلى أنها تخلت عن الإشارة إلى "الحرب على الإرهاب" التي كان يعتمدها الرئيس السابق جورج بوش الذي كثيرا ما نظر إليها على أنها حجة لاعتماد سياسة مناهضة للإسلام، كما دعمت واشنطن، رغم استياء العدو الصهيوني، اتفاق مؤتمر متابعة معاهدة عدم الانتشار النووي الذي أشار بأصبع الاتهام إلى كيان العدو في الملف النووي.
وكان أوباما، الحريص على قطع الصلات مع سياسة بوش، دعا من القاهرة إلى "انطلاقة جديدة" في العلاقات بين بلاده والعالم الإسلامي "تقوم على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.
أحباط عربي وإسلامي
وقال أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد المنعم المشاط، إن العلاقات المصرية ـ الأمريكية تتميز بنوع من الاستقرار خلال السنوات الأخيرة، ولم يحدث بها أي تقدم أو تأخر على الرغم من التحيز الكامل والمطلق والواضح لكيان العدو الصهيوني.
وأعرب عن اعتقاده بأن الحكومة المصرية تشعر بالإحباط من العلاقات الخاصة المتنامية بين واشنطن والعدو الصهيوني، وهو ما ينعكس على الأمن القومي المصري، مشيراً إلى تخفيض المعونات الأمريكية لمصر في الفترة الأخيرة التي من المتوقع أن تقل بشكل أكبر بناء على اتفاق بين الدولتين لإنشاء صندوق مشترك، وقال إن الحكومة المصرية غير راضية عن تقرير الحريات الدينية الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، مشيراً إلى أن مراكز الأبحاث الأمريكية ومنظمات حقوق الإنسان لها تحفظات على بعض الإجراءات المصرية ومنها قانون الطوارئ وإطلاق الرصاص على المهاجرين، ومجمل أوضاع حريات التعبير.
وقال الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية في مركز الأهرام الدكتور وحيد عبد المجيد، إن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة تغيرت قبل الخطاب، بمجرد وصول شخص آخر للبيت الأبيض بدلاً من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
وأشار إلى أن أوباما غير معنى بالديمقراطية وبالتالي انتهى عنصر التوتر تقريباً بنسبة ٩٠ بالمائة، ولم يبق سوى مجرد شكل، حيث يضطر بعض المسؤولين الأمريكيين من وقت لآخر إلى التعبير عن نوع من الامتعاض من الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع الوضع السياسي في مصر بطريقة شكلية لرفع العتب أمام المجتمع الأمريكي ومنظمات حقوق الإنسان، للحفاظ على سمعة الإدارة الأمريكية.
ويرى الدكتور عمار على حسن، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط أن العرب قرأوا خطاب أوباما قراءة عاطفية وتصوروا أنه شأنه شأن الحكام العرب، من الممكن أن يقرر ويفعل ما يريد، وهذا غير صحيح لأن يده مغلولة خاصة في قضية الصراع العربي ـ الصهيوني، الذي وصل إلى درجة من التعقيد بحيث لا يمكن أن يحل بمجرد رغبة لدى البيت الأبيض أو أوباما.
وأكد حسن أن الحل بيد الأطراف المعنية بشكل مباشر بالقضية، والتي للأسف ليس لديها إرادة الحل، فالعرب منقسمون ولا يتعاملون مع كيان العدو الصهيوني ككتلة واحدة وليس لديهم خيار سوى السلام، وبالتالي ليس بوسع أي طرف دولي أن يؤثر في حل الصراع.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة، إن "أوباما أثبت ضعفه أمام النفوذ الصهيوني"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة دولة حاضنة للمشروع الصهيوني، ولا يستطيع أوباما أو غيره ممارسة ضغوط على كيان العدو.
وأشار إلى أن خطاب أوباما كان مجرد كلمات عاطفية داعب بها الشعوب العربية واستطاع بالكلمات الحصول على جائزة نوبل للسلام.
ممكن تتكتشف اوجه الشبه والتطابق بين الصورتين
ردحذف